دَمَّـــــــــــــــــــــــوَعَ رَاهِبٍ
بِسْمِ الْآبُ وَالْإِبْنْ وَالْرُّوْحُ الْقُدُسُ الالَهُ الْوَاحِدُ آَمِيْنَ
فِيْ
الْسِتِّينَاتِ أَعْتَادْ أَحَدٌ الرُّهْبَانُ الْشُّيُوخِ أَنْ يَزُوْرَ
كَنِيْسَةِ الْشَّهِيْدِ مَارِجِرْجِسْ باسبُورَّتَنّجَ، وَكَانَ يَدْخُلُ
الْهَيْكَلَ
لِيَجْلِسَ الْقُرْفُصَاءَ يَكَادُ كُلِّ الْقُدّاسِ وَذَلِكَ
بِسَبَبِ
شَيْخُوْخَتِهِ وَعَجُزُهَ عَنْ الْوُقُوْفِ أَوْ الْرُّكُوعِ. كَانَ
يُخْفِيَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ وَكَانَتْ دُمُوْعُهُ تَنْسَابُ بِلَا
تَوَقُّفٍ.
لَاحَظَهُ
أَحَدُ الشُّبَّانِ فَأَقْتَادِهُ يَوْما إِلَىَ بَيْتِ أَقَارِبِهِ
وَهُنَاكَ أَصَرَّ أَنْ يُعْرَفْ مَاذَا وَرَاءَ هَذِهِ الْدُّمُوْعِ
الْغَزِيرَةِ.
قَالَ لَهُ الْرَّاهِبُ الْشَّيْخُ:
"لَمْ
أَذْكُرْ مُنْذُ صِبَاى أَنَّنِيْ كَوَّنَتْ أَيَّةُ عَلَاقَاتِ خَاطِئَةٍ
مَعَ فَتَاةٍ أَوْ سَيِّدَةَ، وَلَا أَسْتَسْلَمْتَ قَطُّ لِفِكْرٍ
شَهْوَانِيٌّ... أَحْبَبْتَ
الْعِفَّةِ
وَتَمَتَّعَتْ بِالْطَّهَارَةِ، وَكُنْتُ فَرَحا ومُتَهلّلا. أَلْتَحَقتُ
بِالدَّيْرِ وَعَشْتْ فِيْ فَرَحٍ حَقِيْقِيٌّ، وَإِذْ أَصَابَنِيْ مَرَضٌ
أَلْزِمُونَيْ
بِالذَّهَابِ إِلَىَ الْمُسْتَشْفِيَ.
هُنَاكَ
أهتمَّتِ بِيَ مُمَرِّضَةٌ، بِكَوِنَيِ أَبا لَهَا، وَإِذْ ازْدَادَ
أهْتَمَامِهَا بِيَ مَرَّتْ بِيَ أَفْكَارٍ غَيْرُ طَاهِرَةٍ، خَشِيَتُ
عَلَىَ
نَفْسِيْ مِنْ أَفْكَارِيِ بِالْرَّغْمِ مِمَّا أَتَسَمّتِ بِهِ هَذِهِ الْمُمَرِّضَةُ مِنْ أَدَبٍ وَطَهَارَةِ.
أَصْرَرْتُ عَلَىَ تَرْكِ الْمُسْتَشْفِيَ وَبَقِيَتْ مُنْذُ ذَلِكَ الْحَيَنِ أَبْكِيْ مِنْ أَجْلِ ضَعْفِيْ بِلَا أَنْقِطَاعَ.
وُضِعَتْ خَطِيَّتِي أَمَامِيْ فِيْ كُلِّ حِيْنٍ حَتَّىَ لَا أَسْقُطَ!"
قَالَ لَهُ الْشَّابُّ: "إِنَّهَا مُجَرَّدِ أَفْكَارْ مُنْذُ سَنَوَاتْ طَوِيْلَةً، فَلِمَاذَا كُلِّ هَذِهِ الْدُّمُوْعِ؟"
اجَابَهْ الْرَّاهِبِ الْشَّيْخُ :
أَفْكَارِيِ جُرِحَتْ ذَاكَ الَّذِيْ أَحَبَّنِيَ وَيُحِبُّنِي، فَكَيْفَ لَا أَبْكِيْ؟
أبَدّيَّتِيّ ثَمِيْنَةِ! أَخْشَىْ أَنْ أَفْقِدَ مَجْدِيْ فِيْ الْرَّبِّ
. سَأَلَهُ الْشَّابُّ
هَلْ دُمُوْعُكِ تُحَطِّمُ سَلَامِكِ؟
اجَابَهْ
الْشَّيْخُ دُمُوْعِيْ تَمْلَأُنِي فَرَحا وَسَلَاما، وَتُثْبِتُ
رَجَائِيْ فِيْ مُخَلِّصِي الَّذِيْ هَيَّأَ لِيَ مَوْضِعا فِيْ حِضْنِ
أَبِيْهِ